مقابلة خاصة | “بكرا” يحاور محمد دراوشة
أزمة الإعلام وغياب المجتمع العربي عن المشهد

بكرا: عقد الصحفيون والإعلاميون في إسرائيل مؤتمرًا طارئًا للدفاع عن حرية الإعلام، في ظل محاولات الدولة واليمين الفاشي السيطرة على الأجندة الإعلامية وتقييد حرية التعبير. كيف تقرأ هذه الخطوة؟
محمد دراوشة:
الدفاع عن حرية الإعلام أمر أساسي في أي مجتمع ديمقراطي. ما سمعناه من الصحفيين كان كلامًا مهمًا، وفيه إدراك للخطر الحقيقي الذي يهدد استقلالية المنابر الإعلامية مثل גלי צה״ל وערוץ כאן.
لكن الحرية لا يمكن أن تكون انتقائية. لا يكفي أن نحمي المؤسسات الإعلامية من تدخل الدولة أو اليمين إذا بقي المجتمع العربي غائبًا عن الصورة.

بكرا: هناك من يقول إن المجتمع العربي شبه غائب عن الإعلام العبري. هل هذا صحيح؟
محمد دراوشة:
الأرقام تتحدث بوضوح. وفق مؤشرات تتابع الإعلام العبري، فإن نسبة تمثيل المواطنين العرب في الإعلام العبري عام 2023 لم تتجاوز 2.8%، رغم أن نسبتهم السكانية تقارب 21%.
وفي النصف الأول من عام 2024 تراجع الحضور أكثر ليصل إلى نحو 1.5% فقط، من بين عشرات آلاف المتحدثين الذين ظهروا في الإعلام المركزي.

هذا يعني أن المواطن العربي يظهر في الإعلام العبري بمعدل أقل بعشر مرات من نسبته السكانية، وغالبًا في سياقات سلبية أو محدودة جدًا.

“الإعلام العبري يرفع شعار حرية التعبير، لكنه لا يمنح هذه الحرية للمجتمع العربي كي يعرض روايته وقضاياه.”

بكرا: هل ترى أن هذا تغييب متعمد أم مجرد إهمال؟
محمد دراوشة:
في رأيي هو مزيج من الاثنين.
هناك إهمال نابع من عقلية تعتبر أن المواطن العربي ليس جزءًا من “القصة المحورية”، وهناك أيضًا تغييب متعمد لأن عرض قضايا المجتمع العربي قد يزعج السردية المهيمنة، وربما يخفض نسب المشاهدة.

الإعلام العبري يفضل أن يبقى العربي في الهامش، كي لا يضطر المجتمع اليهودي لمواجهة أسئلة صعبة حول المساواة والحقوق المدنية.

“غياب العرب عن الشاشات ليس مجرد إهمال، بل سياسة تغييب متعمدة تُبقي المواطن العربي في الهامش".

بكرا: ما الذي تطالب به من الإعلاميين الذين شاركوا في المؤتمر؟
محمد دراوشة:
إذا كانوا صادقين في دفاعهم عن حرية الإعلام، عليهم أن يثبتوا ذلك عمليًا.
الحرية لا تعني فقط أن الصحفي يستطيع انتقاد الحكومة أو اليمين، بل أن كل مواطن، يهودي أو عربي، يجد نفسه ممثلًا في الإعلام.

أطالبهم بفتح الشاشات أمام قصص المجتمع العربي: نجاحات الشباب العرب في التكنولوجيا والطب، معاناة القرى غير المعترف بها، والتحديات اليومية التي يعيشها المواطن العربي. بدون ذلك، سيبقى شعار “حرية الإعلام” ناقصًا ومجتزأ. “إذا كانوا صادقين في دفاعهم عن حرية الإعلام، عليهم أن يفتحوا الشاشات أمام قصص المجتمع العربي.”

بكرا: كلمة أخيرة لموقع “بكرا”
محمد دراوشة:
الإعلام العربي المحلي، مثل “بكرا”، يتحمل مسؤولية مضاعفة.
من جهة، عليه أن يكون صوت المجتمع العربي وأن يعرض قضاياه بجرأة.
ومن جهة أخرى، عليه أن يضغط على الإعلام العبري كي يفتح أبوابه أمام روايتنا.

نحن لا نطلب صدقة، بل نطالب بحقنا الطبيعي بأن نكون جزءًا من المشهد الإعلامي في الدولة التي نعيش فيها.

“نحن لا نطلب صدقة، بل نطالب بحقنا الطبيعي بأن نكون جزءًا من المشهد الإعلامي.”

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com