ثورة في تشخيص وعلاج سرطان الرئة في المركز الطبي تسفون (بوريا)

يقود المركز الطبي تسفون ثورة طبية تهدف إلى تقصير مدة تشخيص سرطان الرئة في شمال البلاد، وتحسين فرص العلاج وتقليل نسبة الوفيات العالية الناتجة عن المرض في المنطقة.
خلال السنوات الثلاث الماضية، أُعيد تأسيس وحدة جراحة الصدر والمريء، وتمت إقامة قسم جديد لطب الرئة التدخلي، وإتاحة الفحوصات الجزيئية المبتكرة — وكل ذلك ضمن منظومة تشخيص سريع هدفها تقليص مدة التشخيص من عدة أشهر (المدة المتوسطة) إلى أسبوعين لغاية 4 أسابيع فقط في المركز الطبي تسفون.
للحديث عن التشخيص المبكر والسريع لسرطان الرئة والتغيير الكبير، التقينا البروفيسور أوري فيزل، مدير وحدة جراحة الصدر والمريء في قسم القلب والأوعية الدموية على اسم كيتنر دافيداي، والدكتور علاء عواد، أخصائي جراحة صدرية، ويتمتّع بخبرة واسعة في تشخيص وعلاج أمراض الرئتين.

نسب مرتفعة ومقلقة: يبدأ التدخين في المجتمع العربي في سن مبكرة

يقول البروفيسور فيزل: "يُعدّ سرطان الرئة السرطان الأكثر فتكًا في العالم. في إسرائيل يتم تشخيص نحو 2800 مريض جديد سنويًا، ويتوفى أكثر من 1600 شخص بسببه. أكثر من ثلث المرضى في البلاد يتركزون في الشمال، حيث التدخين أكثر شيوعًا، وهو السبب الرئيس للإصابة. وقد أظهرت الدراسات أن المراهقين في الشمال يبدأون في التدخين في سنّ مبكرة مقارنة ببقية أنحاء البلاد، وفي المجتمع العربي يبلغ معدل بدء التدخين 12 عامًا فقط".
يضيف الدكتور علاء عواد: "خلال عملي في جراحة الصدر ألمس الحاجة للكشف المبكر عن سرطان الرئة، فكل أسبوع نلتقي بمرضى كان من الممكن إنقاذهم لو تم تشخيصهم في مرحلة مبكرة. رغم تقدّم النظام الصحي في إسرائيل، إلا أن مدة التشخيص بشكل عام ما تزال طويلة وتمتد لأشهر عديدة".

يقول البروفيسور فيزل: "من أجل تقصير مدة التشخيص، بادرتُ إلى إنشاء منظومة التشخيص السريع في المركز الطبي تسفون، التي رفعت شعار تقليص مدة التشخيص من أسبوعين لغاية 4 أسابيع فقط — وكل ذلك بالقرب من منزل المريض وعائلته. إنها ثورة تُنقذ الأرواح".
ويضيف الدكتور علاء عواد: "الميزة الكبرى في منظومة التشخيص السريع في تسفون هي التنسيق الفوري بين جميع الجهات — من طبيب العائلة إلى الجراح وطبيب الرئة والأورام. هذه السلسلة المتكاملة تسمح لنا بتقديم علاج شامل ودقيق في وقت قياسي، الأمر الذي يُحدث فارقًا حقيقيًا في النتائج السريرية. الهدف هو الوصول إلى المريض قبل ظهور الأعراض. فعندما تظهر أعراض مثل السعال المصحوب بالدم، فقدان الوزن أو الألم، يكون المرض غالبًا في مرحلة متقدمة. في الواقع، يُشخَّص معظم المرضى في الشمال في مراحل متقدمة — وهو أمر مؤسف نظرًا لقدراتنا الطبية الحالية."

فحص المسح المبكر – أمل جديد للفئات المعرضة للخطر

"هذا العام أُدرج فحص المسح بالأشعة المقطعية (CT) للكشف المبكر عن سرطان الرئة ضمن سلة الخدمات الصحية للفئات المعرضة للخطر — في مرحلة لا تظهر فيها أعراض بعد. إنها بشرى مهمة، والفحص متاح لدينا أيضًا في المركز الطبي تسفون ويُجرى خلال أيام معدودة، دون خوف من الإشعاع".

ويتابع: "بالإضافة إلى الفحص المعتمد لمن هم فوق سنّ 65، تم فتح مسار خاص للشباب الذين تظهر لديهم أعراض مريبة أو المدخنين بشراهة، وذلك عبر طبيب العائلة. الهدف هو الكشف المبكر قدر الإمكان لتمكين الشفاء التام. عندما يثار شك لدى المريض أو طبيب العائلة، يُحال المريض إلى طبيب رئة أو جراح صدر، ومن هناك تبدأ سلسلة طويلة من الفحوصات. التغيير الذي أحدثناه من خلال إنشاء منظومة التشخيص السريع هو أن المريض الذي يُحال إلينا يُفحص خلال 24–48 ساعة فقط، ويُعيَّن له منسّق حالة ينظّم جميع الفحوص المطلوبة. هذا يقلّل العبء النفسي عن المرضى ويسرّع العمل مع طبيب العائلة".

الفحوص الجزيئية – نقلة نوعية في التشخيص

ويقول البروفيسور فيزل: "أضفنا مؤخرًا فحوصات جزيئية للتشخيص تُجرى على كل خزعة تُؤخذ في المركز أو تُرسل من مستشفيات أخرى، مما يُقلّص مدة التشخيص الجزيئي من أكثر من شهر إلى أسبوع–عشرة أيام فقط. هذا التطور يُتيح لفريق الخبراء تقديم علاج مبتكر — بيولوجي أو جزيئي موجّه ضد سرطان الرئة. نحن الأوائل في الشمال الذين أضفنا هذه الإمكانية".

قصة مريض – من الشك إلى العلاج في وقت قياسي

يروي البروفيسور فيزل قصة واقعية ويقول: "تلقّى مريض من أحد الكيبوتسات في الشمال اتصالًا من طبيب العائلة، وفي اليوم نفسه ساورتنا شكوك بوجود سرطان رئة متقدم. خلال ثلاثة أيام فقط خضع لكل الفحوصات اللازمة، وبعد ثلاثة أسابيع أجرى العملية الجراحية وغادر المستشفى إلى منزله. في وحدة جراحة الصدر نجري اليوم عمليات دقيقة باستخدام تقنيات التنظير الجراحي المتقدّم (VATS)، ما يقلّل الألم، يسرّع التعافي، ويتيح للمريض العودة لحياته الطبيعية خلال أيام معدودة. نحن نؤمن أن الجراحة الحديثة يجب أن تكون أقل تدخّلًا وأكثر إنسانية. الثورة التي أحدثناها في الشمال هي إنشاء إطار شامل وموحّد لتشخيص سرطان الرئة بطريقة مهنية تضمّ جميع الجهات والفحوصات — قريبًا من المنزل. إتاحة العلاج ستزيد من عدد الأشخاص المفحوصين وبالتالي من الحالات التي تُشخّص في مراحل مبكرة".

العمليات الجراحية في المركز الطبي تسفون – بتقنيات عالمية

يؤكد الدكتور علاء عواد: "أنشأنا في المركز الطبي تسفون وحدة حديثة لجراحة الصدر والمريء. نجري جميع أنواع العمليات المتوفرة في البلاد والعالم لأمراض الصدر الحميدة والخبيثة. تُجرى معظم العمليات من خلال شق صغير في جدار الصدر باستخدام كاميرات وأجهزة متطورة. نعمل كفريق واحد يضمّ أطباء من مختلف المجالات، لأن علاج سرطان الرئة لا يقتصر على الجراحة فقط، بل يعتمد على نهج متعدد التخصصات يجمع بين الجراحة، والعلاج الدوائي، والعلاج الموجّه بيولوجيًا. هذا التعاون هو سر النجاح في إنقاذ الأرواح".

ويضيف الدكتور علاء عواد: "في مجتمعنا، ما زال كثيرون يتجاهلون الأعراض الأولية مثل السعال المزمن أو ضيق التنفس. رسالتي للجمهور هي ألا ينتظروا. كل تأخير في التشخيص يعني علاجًا أكثر تعقيدًا وفرصًا أقل للشفاء الكامل، فخلال ثلاث سنوات نجحنا في زيادة عدد العمليات والفحوصات المتقدمة وأتحنا لعدد كبير من سكان المنطقة تلقي العلاج بالقرب من منازلهم. أنا واثق أنه بفضل الوعي وفحوصات المسح سنكون مثالًا لبقية البلاد على كيفية مواجهة هذا المرض القاتل من خلال التعاون وتوحيد الموارد الإقليمية. أنا فخور بأن أكون جزءًا من هذا المشروع الرائد في الشمال، الذي يمنح المرضى فرصة حقيقية للشفاء بالقرب من منازلهم وبين عائلاتهم. هدفنا أن نجعل العلاج المتقدّم متاحًا للجميع، وأن نحوّل الخوف من سرطان الرئة إلى أمل بالحياة".

البروفيسور فيزل وجه رسالة للجمهور وقال: "للمدخنين — بلا تردد: توجهوا للفحص. راجعوا طبيب العائلة واطلبوا فحص المسح بالأشعة المقطعية (CT). أوقفوا التدخين — فهناك برامج ممتازة للإقلاع في جميع صناديق المرضى. أما من تظهر لديهم أعراض مثل السعال المزمن أو البلغم الممزوج بالدم أو فقدان الوزن — فليتوجهوا فورًا إلى طبيب العائلة".

جدير بالذكر أن البروفيسور أوري فيزل، متخصص في الجراحة العامة وجراحة الصدر، وحاصل على تدريب متقدم في طب الرئة التدخلي والجراحة التنظيرية، في بوسطن من مستشفى تابع لجامعة هارفارد. كما عمل جراحًا كبيرًا في مستشفى "ميمونيدس" في نيويورك —وأسس أيضًا وحدة العناية المركزة لمرضى الكورونا، وعاد إلى البلاد في خريف عام 2020، وعمل في مستشفى بيلنسون، ثم انضم إلى المركز الطبي تسفون في صيف 2022 بهدف محاربة معدلات الإصابة المرتفعة بسرطان الرئة والمريء في المنطقة.