يعاني عدد كبير من المرضى في إسرائيل، وخاصة في المجتمع العربي، من مرض مزمن يعرف باسم الهيدرادينيتيس السُّبوريتيبا (Hidradenitis Suppurativa)، لكنه ما يزال غير معروف على نطاق واسع، مما يؤدي إلى تأخر التشخيص والمعاناة المستمرة.
في مقابلة مع موقع بكرا، يوضح د. فراس العبرة، طبيب الجلدية والجنسية: "الهيدرادينيتيس السُّبوريتيبا مرض مزمن صامت ومؤلم، يظهر على شكل عقيدات تحت الجلد وخراجات قيحية، وقد يترك ندوبًا دائمة تؤثر على الحركة وحياة المريض اليومية. للأسف، كثير من الناس لا يعرفون أن ما يعانون منه قابل للعلاج."
انتشار المرض وتأثيره على المجتمع العربي
تشير الدراسات الحديثة إلى أن حوالي 0.5% من السكان العرب في إسرائيل يعانون من المرض، وهو معدل أعلى بخمس مرات مقارنة بالسكان اليهود، وهو ما أكده د. العبرة: "المرض شائع جدًا بين المجتمع العربي، لكن الحوار العام حوله شبه معدوم. هذا يجعل المرضى يعانون سنوات دون تشخيص دقيق، ما يضاعف الألم الجسدي والنفسي."
أسباب المرض وأعراضه
يوضح د. العبرة أن المرض ليس نتيجة لسوء النظافة أو العدوى، بل هو التهاب مزمن يصيب بصيلات الشعر في مناطق خفية مثل الإبطين والفخذين وتحت الثديين ومنطقة الأرداف. وأضاف: "المحافظة على نظافة الجلد أو تغيير العادات وحدها لا تكفي. المرض مرتبط أيضًا بعوامل وراثية وبيئية مثل التدخين، الوزن الزائد، والملابس الضيقة. العلاج يحتاج إلى مقاربة شاملة تجمع بين الأدوية وتغيير نمط الحياة."
أهمية التشخيص المبكر
أشار د. العبرة إلى خطورة التأخر في التشخيص: "الفترة بين ظهور الأعراض والحصول على تشخيص دقيق تصل أحيانًا إلى سبع سنوات. هذا الوقت الطويل قد يؤدي إلى تفاقم الحالة وترك ندوب دائمة."
وشدد على أن الخجل أو الحرج عند ظهور العقيدات في مناطق حساسة يثني العديد عن مراجعة الطبيب: "أي شخص يلاحظ ظهور تورمات مؤلمة متكررة يجب أن يتوجه فورًا إلى طبيب الجلدية، لأن التشخيص المبكر يمكن أن يغير مجرى المرض بشكل كبير."
العلاج والتطورات الحديثة
تطرق د. العبرة إلى الخيارات العلاجية المتوفرة: "في المراحل المبكرة، نبدأ بالإجراءات البسيطة مثل النظافة الشخصية، التوقف عن التدخين، خسارة الوزن، وارتداء ملابس فضفاضة. أما في الحالات المتقدمة، فقد حققت العلاجات البيولوجية الحديثة نتائج مهمة، فهي تقلل من تكرار الانتكاسات، تخفف الألم، وتمنع ظهور عقيدات جديدة."
وأضاف: "النجاح في التعامل مع المرض لا يعتمد فقط على الأدوية، بل على التزام المريض بتغيير أسلوب حياته اليومي. هذا جزء أساسي لتحسين جودة الحياة."
واختتم د. العبرة حديثه بتوجيه رسالة للمرضى والمجتمع: "الهيدرادينيتيس السُّبوريتيبا مرض معقد لكنه قابل للتحكم. زيادة الوعي، التشخيص المبكر، واتباع العلاج المناسب يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة المرضى، ويعيد لهم القدرة على العيش بشكل طبيعي."
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق