في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها المنطقة، يتداول مراقبون إمكانية توسيع اتفاقيات أبراهام لتشمل دولًا جديدة، أو حتى عقد مؤتمر سلام إقليمي خلال شتاء 2025. وللوقوف على خلفيات هذا المشهد المتحرك، أجرى "بـُكرا" مقابلة مع د. يسري خيزران، المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، والذي قدّم قراءة تحليلية معمّقة حول التطورات الأخيرة وتداعياتها على شكل المنطقة.
ضربات مزدوجة ومحور يتفكك
يرى د. خيزران أن السياق الأساسي لأي حديث عن تسويات أو تطبيع جديد ينطلق من الضربة العسكرية المزدوجة التي وجهتها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل لإيران، والتي ترافقت مع هزيمة حزب الله في لبنان، وسقوط نظام الأسد في سوريا، واستمرار الحرب في غزة.
ويضيف: "ما نشهده اليوم هو انهيار تدريجي لما كان يُعرف بمحور المقاومة. هذا الانهيار يفتح الباب أمام إعادة رسم المشهد الجيوسياسي في الإقليم، ويفتح نافذة أمام تحركات سياسية كبرى، سواء عبر توسيع اتفاقيات أبراهام أو من خلال عقد مؤتمر سلام إقليمي".
السعودية وتركيا... اللاعبان الحاسمان
ويتابع د. خيزران موضحًا أن السعودية وسوريا هما الدولتان المطروحتان بقوة على طاولة التوسعة المحتملة لاتفاقيات أبراهام. لكن الواقع أكثر تعقيدًا من مجرد توقيع اتفاق:
"السعودية لها نفوذ في سوريا ما بعد الأسد، لكن لا يمكن تجاهل الدور التركي. تركيا هي الراعي الفعلي للنظام الجديد في دمشق، ولا يمكن توقيع أي اتفاق سلام أو تطبيع دون موافقتها. كذلك قطر تُعتبر لاعبًا داعمًا في هذا المحور".
شروط إسرائيل... وحدود الموقف السوري
فيما يخص الموقف الإسرائيلي، يشير د. خيزران إلى أن إسرائيل ترفض تمامًا الانسحاب من الجولان كشرط لأي اتفاق مع سوريا:
"إسرائيل متوغلة في الجنوب السوري، ولديها مطالب أمنية واضحة، تشمل منع نشر أي قوات للنظام الجديد جنوب دمشق، أو على طول الحدود. في المقابل، الشارع السوري الجديد بحاجة إلى تثبيت سلطته وبناء الدولة، وأي مواجهة مع إسرائيل حاليًا لا تصب في مصلحته".
ورغم ذلك، يرفض د. خيزران الافتراض بأن النظام السوري الجديد قد يذهب إلى تطبيع شامل:
"توقيع اتفاق سلام يتضمن تنازلًا عن الجولان سيكون سابقة في العلاقات العربية–الإسرائيلية، وسيمسّ بشرعية الشارع داخليًا. كما أن أي اتفاق مشروط بموافقة تركيا، وباحتواء المليشيات الجهادية التي يستند إليها في حكمه."
أقصى ما يمكن تقديمه: اتفاق عدم اعتداء
بحسب خيزران، فإن أقصى ما يمكن توقعه في هذه المرحلة هو اتفاق عدم اعتداء، أو تثبيت للوضع القائم دون الذهاب إلى تطبيع شامل:
"الشارع السوري لا يستطيع الذهاب بعيدًا في هذا المسار دون خسائر داخلية. هناك فصائل وأطراف سورية تترقب أي خطوة كهذه لتطعن في شرعيته، بحجة التفرّد بالقرار الوطني والتفريط بالجولان."
هل تضغط السعودية باتجاه التطبيع؟
يختم د. خيزران حديثه بالإشارة إلى دور السعودية: "صحيح أن السعودية تتعرض لضغوط أمريكية، ولديها قدرة على التأثير في المسار السوري، لكن من المبكر الجزم بأنها ستدفع سوريا نحو سلام كامل مع إسرائيل. المشهد الإقليمي يتغيّر بسرعة، لكن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن اتفاق شامل."
bokra.editor@gmail.com
أضف تعليق