قال المحامي والمحلل السياسي معين عودة، المتخصص بالشأن الأميركي، في مقابلة خاصة مع "بكرا"، إن الأحداث الجارية في مدينة لوس أنجلوس على خلفية سياسات الهجرة التي تتبناها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب "لم تكن مفاجئة بالكامل، بل كانت متوقعة، خاصة في المناطق التي تضم نسبة عالية من المهاجرين غير الشرعيين".

وأوضح عودة أن الشرارة التي أشعلت الاحتجاجات كانت نشر قوات الحرس الوطني في شوارع المدينة، مما تسبب في تأجيج التوترات. واعتبر أن رد فعل الشارع لم يكن نتيجة لحادث مفرد، بل لتراكمات سياسية وقانونية متعلقة بسياسات ترمب تجاه المهاجرين، لا سيما في ما يتعلق بالترحيل الجماعي وإغلاق الحدود.

تصاعد التوترات وانقسام داخلي

وأشار عودة إلى أن الاحتجاجات يمكن تقسيمها إلى فئتين رئيسيتين: "الأولى تضم معارضي ترمب من مختلف الخلفيات، الذين وجدوا في التظاهرات فرصة للتعبير عن غضبهم من مجمل سياساته. أما الفئة الثانية، فهي من المتضررين بشكل مباشر من سياسات الترحيل، وغالبيتهم من المهاجرين غير النظاميين".

وأضاف: "للأسف، بعض هذه الفئة الثانية لجأ إلى العنف والحرق وتخريب الممتلكات العامة، ما شوّه صورة الاحتجاجات وساهم في تعزيز النظرة السلبية لها لدى شرائح واسعة من الأميركيين".

وأكد أن حالة الانقسام داخل الولايات المتحدة بلغت ذروتها، قائلاً: "أي قضية تُطرح اليوم تُقسم المجتمع تلقائيًا إلى معسكرين: مع ترمب أو ضده. وهذه الأزمة ليست استثناء، بل امتداد لحالة سياسية مستمرة منذ سنوات".

احتمال التوسع ورفع أعلام أجنبية

وعن إمكانية امتداد التظاهرات إلى ولايات أخرى، قال عودة: "هذا وارد جدًا، خصوصًا في ظل الهشاشة السياسية الحالية. كل شيء ممكن، لا سيما إذا استمرت سياسات الاستفزاز والتصعيد".

كما حذر من تداعيات استخدام بعض المتظاهرين لأعلام دول أخرى، مثل المكسيك وفلسطين، معتبرًا أن "رفع أعلام غير أميركية في تظاهرات داخل الأراضي الأميركية غالبًا ما يُقابل برفض كبير من قبل الجمهور المحلي، ويستخدم كذريعة للهجوم على الحراك برمّته".

الجيش خيار بعيد لكن وارد

ورأى عودة أن إدخال الحرس الوطني إلى المشهد يشير إلى تصاعد خطير، لكنه استبعد في الوقت الراهن لجوء الإدارة إلى استخدام الجيش الأميركي بشكل رسمي، رغم أنه خيار مطروح في حال خرجت الأمور عن السيطرة في ولايات متعددة.

خلفية الاحتجاجات

وتأتي هذه التصريحات في ظل تزايد الاضطرابات في لوس أنجلوس بعد أن أعلنت إدارة ترمب تنفيذ خطة واسعة لترحيل المهاجرين غير النظاميين، وفرضت هدفًا يوميًا لاعتقال ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر. في المقابل، أعلنت ولاية كاليفورنيا مقاضاة الرئيس ترمب بسبب ما وصفته بـ"نشر غير قانوني للحرس الوطني"، بينما دخلت المكسيك على خط الأزمة وأكدت أنها تتابع أوضاع مواطنيها الذين تم احتجاز العشرات منهم خلال المداهمات الأخيرة.

اختتم عودة حديثه بالقول: "الولايات المتحدة تمر بلحظة توتر غير مسبوقة. المظاهرات في لوس أنجلوس قد تكون بداية لمسار تصعيدي أكبر، والكرة الآن في ملعب الإدارة الأميركية إن أرادت تهدئة الأوضاع أو الدفع نحو مواجهة مفتوحة".

استعمال المضامين بموجب بند 27 أ لقانون الحقوق الأدبية لسنة 2007، يرجى ارسال رسالة الى:
bokra.editor@gmail.com